أفسد "الفيس بوك" على الحكام حياتهم ، وقلب عرش الحكم على رؤوسهم ، فبعد أن كانوا أسيادا ، صار منهم السجين والطريد والهارب والمحاصر ، و"منهم من ينتظر" المصير، وآخرين "بدلوا تبديلا" خوفا من المجهول.
جيد أن يسعى الشباب العربي الذي أرهقته البطالة وأتعبته الشهوات ، إلى استغلال هذه "التقنية" ، في التغيير والإصلاح ، وما أنتجه الفيس بوك من ثورات " الربيع العربي " ، جعل منه ملهما للشعوب الطواقة للحرية ، حتى في (إسرائيل) الذي تقول أنها أُمّ "الديمقراطية والحرية" ، كانت هذه التقنية ملجأ لكثير من الإسرائيليين وسببا في الاحتجاج الاجتماعي هناك .
بل إن الثورات التي خرجت من رحم "الفيس بوك" ، غيرت نظرة الغرب عن العرب من أنهم لا يبحثون في شبكة الإنترنت إلا على شهوة " البطن والفرج " ، كما تقول دراساتهم ، حتى كاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يقول شعرا في " الربيع العربي " ، خاصة ثورة مصر التي أمتعت وأبهرت كل من تابعها.
وكما انتشرت الثورات في كل شارع وميدان ، انتشرت تقنية "التواصل الاجتماعي" في كل بيت وحارة ، وأصبحت فاكهة " حديث الناس " خاصة الشباب المراهق ، الذي وجد فيه متنفسا للتعبير عن توجهاته وأفكاره وما يجول في خاطره.
وفي غزة، وجد الشباب في "الفيس بوك" وسيلة للاتصال بالعالم الخارجي في ظل الحصار والعزلة ، وكان مفرحا ما كشف عنه استطلاع للرأي أعده مركز شئون المرأة في مدينة غزة، أن نسبة مستخدمي الانترنت بغزة بلغت 92% ممن يملكون أجهزة كمبيوتر وهو ما يشر إلى مواكبة التطور و التكنولوجيا في مجتمع يغلب عليه الشباب.
ومن المؤسف أن يستخدمه البعض ، في إيذاء الآخرين ، يطلق الشائعات والأكاذيب ، كما هو حال " سكرتير إبليس" الذي وقع متلبسا في قبضة شرطة غزة ، عندما نشر قصص فساد أخلاقي ملفقة ضد رجال ونساء ، ما تسبب في مشاجرات بين عائلتين أدت لطعن اثنين بالسكاكين بينما اشتبكت عائلتين أخريين بالأيدي ووقعت عدة إصابات .
وفي حادثة أخرى ، تعاركت عائلتان من وراء الاستخدام السيئ "للفيس بوك" ، عندما كشف شاب هوية آخر ، سبه وشتمه عبر هذه التقنية ، فتناوله بالضرب ، تطور الأمر من الصغار إلى الكبار فوقع المحظور وإن كان محدودا لكنه أفسد الود والحب بين العائلتين الجارين.
وفي هذا ما يدعو للحيطة والحذر ، حتى يظل أفراد مجتمعنا مثل الجسد الواحد في " تراحمهم وتوادهم " ، وعلى كل هاوٍ للشبكة العنكبوتية أن يتيقن أنه لن يبقى متخفيا خلف شاشة الحاسوب ، إلى الأبد ، فيسب هذا ويلعن ذاك.
كما أن الإنسان الواعي ، عليه أن يدرك خطورة ومضار هذه التقنية إذا ما سمح لنفسه بقبول طلبات صداقة من أشخاص لا يعرفهم ، فقد أظهرت الدراسة أن نسبة من يقعون في هذا الخطأ ، تصل إلى43.9% (62.2% ذكور, 37.8% إناث).
وبلا شك ، يتحمل كل أب و أم ، خطأ الأبناء ، إذا ما تركوا " الحبل على الغارب " بدواعي الحرية الشخصية ، فيكون الإنترنت بمساعدتهم سببا في دمار أخلاقهم وانحرافهم ، عندها يكون قد فات الأوان ولا ينفع الندم. فالحذر الحذر.