سامح عسكر مشرف
محل الاقامة : منشأة نظيف
الجنس :
عدد المساهمات : 127
| موضوع: الفكر السلفي وإشكالية الاندماج /بقلم سامح عسكر 30/8/2011, 4:52 pm | |
| الفكر السلفي التقليدي وإشكالية الاندماج
في مقال سابق ناقشنا الفكر التقليدي السلفي ودوره في إحياء العداء أو ما يسمي بصناعة الأعداء، وخلصنا إلي عدة توجيهات أهمها أهمية تفيعل ثقافة دفع الضرر وضرورة طلب العلم من مصادره وإنكار الذات،بالإضافة إلي الطلب بإنشاء توليفة من خيرة المجددين داخل التيار السلفي وإبرازهم علي الساحة.
كان دور الفكر التقليدي عامل عرقلة لخطوات النهضة والإصلاح والتنشئة الحضارية علي قيم إسلامية رفيعة، خالية من زرع الخوف والهوس بالمؤامرة وتحرض علي النمو والتمدن، وقد أشرنا علي وجود هذا الفكر في جميع الأديان والمذاهب والتيارات لكونه صفة بشرية ترتبط بعاملي الفهم والتحقيق،مثال لذلك فالفكر السلفي التقليدي موجود لدي التيار السلفي العالمي بجميع فرقه وتقسيماته الفكرية والنوعية، وهو موجود لدي الصوفية بجميع طرقهم ولدي والشيعة بجميع فرقهم، أو كما قال الدكتور سليم العوا أن لكل قوم سلف وما من فرقة إسلامية إلا وتؤمن بالفكر السلفي علي شكل اتباع لأسلافهم من العلماء والمحققين.
ولكن مع بروز التيار السلفي في مصر إعلاميا وتطوره علي الأرض أو ما يسميه البعض بالتيار الوهابي ذما في مجدد السلفية في العصر الحديث الشيخ ابن عبدالوهاب رحمه الله، كان لزاما علينا من نقاش تلك الفكرة السلفية التي ظهرت فجأة علي الساحة السياسية وارتبط اسمها بتظاهرات ضد الكنائس وهدم للأضرحة والتصريح بمصطلحات فجة كغزوة الصناديق، وأيا كانت نتائج تلك التحقيقات أو محاولات الإنكار أو التبرئة لا يسعنا إلا استنكار ما حدث ونعتقد أنه لو لم يكن هناك وجود لهذا الفكر التقليدي أو حتي بالإشارة إليه ما كان للإعلامي أن يكتب عن تورط فرد من هذا التيار دونا عن غيره، لذلك فالمسألة لها جزء كبير من الإدانة للتيار السلفي خاصة في مصر لأنه سمح بظهور تلك الأفعال دون تعريف بالنفس أو إجلاء للحقيقة التي ربما تكون قد غابت عن البعض.
من هنا تأتي الحاجة لفكر تجديدي قائم علي فهم الواقع وتحقيق النصوص وربطها ببعض بحيث تشكل فهم جديد وصحيح للدين والتدين،هذا الفكر قد يكون موجودا لدي البعض ولكنه منطفئ ويحتاج من يوقظه وينير له الطريق.
نشير إلي أن أبرز ما يظهر من هذا الفكر التقليدي هو كراهية الآخر، وفي بعض الأحيان يتم الترصد له وتعقبه إما فكريا أو علي الأرض علي شكل عمليات قتل وتنكيل كالذي حدث في مدنية لاهور الباكستانية من هجوم علي مسجدين تابعين للأحمدية وقتل مالا يقل عن 80 شخصا، أو عمليات القتل الطائفي في العراق بين السنة والشيعة، أو تلك العمليات التي استهدفت الكاثوليك والبروتستانت في إيرلندا،وآخرها أحداث العنف الطائفي في مصر بين المسلمين والمسيحيين، جميعهم يجمعهم الفكر السلفي التقليدي الذي أشرنا إليه سابقا بأنه موجود لدي جميع الأديان والمذاهب
نخلص من ذلك إلي وجود إشكالية في الإندماج بين أتباع هذا الفكر والمجتمع، فكراهية الآخر كفيلة بنزع أي مدنية أو مواطنة تتصف بها الدولة في الإسلام فضلا عن مدنية أوربا التي استطاعت أن تحوي فرقا وأفكارا غير متصادمة، ومن هنا يأتي دور إبراز جانب التسامح في انصهار الفرد والمجتمع في بوتقة واحدة لا تشعر فيها بالخلاف الفكري والكل يعمل من أجل دينه ووطنه، ولا شك أن ما من دين إلا وله جانب كبير من التسامح ونبذ العنف وقبول الآخر، لذلك يجب استثمار تلك النزعة التسامحية في إحياء العقل البشري نحو التعايش الجاد والنافع.
لن يكون هناك اندماج حقيقي للفكر السلفي مع مكونات المجتمع إلا ببروز تيار يهدف إلي تحقيق النصوص ومحاولة فهمها بطريقة جديدة، أو النظر في الموروث الإسلامي نظرة موضوعية واستخلاص العبر وتحكيم العقل والمنطق لنجاح التجربة، فالحاكم بين الإًصلاح والفساد هو نفع الإنسان، لذلك تأتي التجربة محل الاجتهاد أحيانا، وربما يكون الاجتهاد سبيلا للتجربة الحقيقية،ليس كافيا أن يتقوقع أبناء التيار داخل المساجد يتلون العلم الشرعي -وهذا شئ جيد في مواجهة التغريب والعولمة ومشكلات العصر- ولكن ينبغي أن نضيف إليه الانطلاق إلي جميع شرائح المجتمع، فالثورات أحدثت فقها جديدا لدي الشارع ربما لا يواكبه أو يستوعبه الفكر السلفي التقليدي وأبرز مثال علي ذلك تحريم التظاهرات واعتبارها فتنة، وقد خلصت التجربة إلي غير ذلك رغم أن علماء الإسلام أصلوا لفقه التظاهرات من قبل وما زال التقليديون يرون حُرمتها، وهذا كفيل بصنع حاجز نفسي وفكري بين السلفيين والمجتمع.
قبل أن يتطور ويعلو هذا الحاجز فلابد من استباق المواجهة معه علي شكل اندماج وانصهار داخل شرائح المجتمع، فحينها فقط من الممكن أن نصنع جيلا جديدا يفهم الإسلام علي حقيقته ويؤصل لفكرة جديدة تهدف لخير البشرية، ووقتها تسود فكرة أستاذية الإسلام علي العالم في وقت يتعرض فيه المسلمون لحملات تشويه ونزع للهوية، فكون عدم وجود نموذج إسلامي ناجح يُحتذي به إلي الآن كفيل بهدم الفكرة الإسلامية لدي الآخر، والمقصد هو إيصال فكرة الإسلام علي حقيقتها دون تكلف أو اصطناع حينها فقط سيتحقق الإقناع...ويعلو شأن الإسلام في قلوب الآخرين التواقين إلي دين سماوي يخاطب المادة والروح، ويتميز بترابط العقل والنص، ويخاطب حياة ما بعد الموت بشئ من الربانية والفطرة
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المصدر/ مدونتي ميدان الحرية والعدالة
| |
|