بسم الله الرحمن الرحيم
الوضوء.. وقاية فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت الخطايا من جسده حتى تخرج من تحت أظافره) .[رواه مسلم]إن الوضوء هو عبادة يستعد بها المؤمن للوقوف بين يدي الله في الصلاة، تطهر الجسم من الخطايا. والسؤال: ماهي الفوائد الطبية للوضوء؟أثبت العلم الحديث بعد الفحص الميكروسكوبي: أن الذين يتوضؤون ويستنشقون ويستنثرون خمس مرات يومياً في الصلوات الخمس، قد ظهر الأنف عند غالبيتهم نظيفاً خالياً من الميكروبات في حين أعطت أنوف من لا يتوضؤون مزارع ميكروبية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة .الوضوء يقي الأنف من الأمراض ويمنع الجراثيم من الانتقال إلى الجهاز التنفسي. المضمضة واستخدام السواك:تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات ومن أمراض اللثة تقي الأسنان من التسوس بإزالة الفضلات الطعامية التي قد تبقى فيها، وثبت علمياً أن تسعين في المئة من الذين يفقدون أسنانهم لو اهتموا بنظافة الفم لما فقدوا أسنانهم قبل الأوان وأن المادة الصديدية والعفونة مع اللعاب والطعام تمتصها المعدة وتسري إلى الدم.. ومنه إلى جميع الأعضاء وتسبب أمراضاً كثيرة. تنمي بعض العضلات في الوجه. وهذا التمرين لم يذكره من خبراء الرياضة إلا القليل لانصرافهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم. لغسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين فوائد منها:إزالة الغبار وما يحتوي عليه من الجراثيم تنظيف البشرة من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية بالإضافة إلى إزالة العرق من على سطح الجلد وفتح مسامات الجلد ليستطيع التنفس بشكل جيد .فقد ثبت علمياً أن الميكروبات لا تهاجم جلد الإنسان إلا إذا أهمل نظافته.. فالإنسان إذا مكث فترة طويلة بدون غسل لأعضائه فإن إفرازات الجلد المختلفة من دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد محدثة حكة شديدة وهذه الحكة بالأظافر والتي غالباً ما تكون غير نظيفة تدخل الميكروبات إلى الجلد، كذلك فإن الإفرازات المتراكمة هي دعوة للبكتيريا كي تتكاثر وتنمو .أثبت البحث أن جلد اليدين يحمل العديد من الميكروبات التي قد تنتقل إلى الفم أو الأنف عند عدم غسلهما، ولذلك يجب غسل اليدين جيداً عند البدء في الوضوء، وهذا يفسر لنا قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم :"إذا استيقظ أحدكم من نومه.. فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث”. غسل القدمين مع تدليكهما جيداً يقي الجلد في هذه المنطقة من الإصابة بفطور القدمين والعديد من أمراض الجلد في هذا المكان. غسل الوجه واليدين والقدمين وتدليك هذه الأجزاء يعتبر بمثابة تنشيط لجريان الدم في الأوعية التي تحت الجلد، وهذا ينعكس على الحالة النفسية للمؤمن فيزداد اطمئناناً وسكينة، ويتخلص بذلك من كثير من تراكم الانفعالات النفسية السيئة. غسل اليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الكعبين:ثبت أيضاً أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدين والأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عن المركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء من الجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.في بحث حديث تبين التأثير الجيد للماء على الإنسان أثناء الوضوء في إزالة التوتر والقلق، لذلك يشعر المؤمن أثناء وضوئه بالطمأنينة، وهذا من أسرار الوضوء. سقوط رذاذ الماء على أعضاء الجسم أثناء الوضوء يؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات ويتخلص الجسم من ارتفاع ضغط الدم والآلام العضلية وحالات القلق والأرق..ويؤكد ذلك أحد العلماء الأمريكيين بقوله: إن للماء قوة سحرية بل إن رذاذ الماء على الوجه واليدين - يقصد الوضوء - هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر.. ومن ذلك كله يتجلى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام، وما يحمله من فوائد صحية ووقائية.وتأمل معي هذا الهدي النبوي الكريم من خلال قوله عليه الصلاة والسلام: (إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجَّلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) [رواه البخاري ومسلم]. في هذا الحديث العظيم تأكيد من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على غسل أكبر جزء ممكن من الوجه واليدين والقدمين، لأن الذي يسبغ الوضوء ويحافظ عليه سوف تبدو آثار طهارته يوم القيامة. فما أجمل المؤمن أن يكون طاهراً في الدنيا والآخرة.أثر الصلاة على كفاءة الدورة الدموية بالدماغ ممارسة الرياضة البدنية الرياضة البدنية تضر الدورة الدموية بالدماغ حيث إنها تسرق الدم بشكل مباشر لتغذية العضلات وذلك على حساب المخ .كما أن انخفاض معدلات ثاني أكسيد الكربون في الدم نتيجة تسارع عملية التنفس أثناء ممارسة الرياضة يؤدي إلى مزيد من تباطؤ سريان الدم إلى المخ ، حيث إن نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم تعتبر أحد أهم العوامل التي تتحكم في تدفق الدم إلى الدماغ .يزداد سريان الدم إلى المخ أثناء السجود بفعل ميل الرأس إلى أسفل ، كما أن انطواء الجسم على نفسه أثناء السجود يساعد على توجيه الدم من الأطراف إلى الأعضاء الداخلية والمخ .إضافة إلى ذلك فإن معدلات ثاني أكسيد الكربون تزداد في الدم بشكل وظيفي أثناء السجود ، وذلك نتيجة لضغط الأحشاء على الرئتين هذا الارتفاع في نسبة ثاني أكسيد الكربون بالدم يساعد على إضافة المزيد من تدفق الدم إلى المخ .كما وأن تكرارميل الرأس أثناء الركوع والسجود ثم ارتفاعه أثناء القيام والجلوس يساعد على المحافظة على نظام التوازن التلقائي للدورة الدموية بالمخ ، حيث إنه من المعروف أن وظيفة هذا النظام التلقائي تبلى مع تقدم العمر .الصلاة إعجاز طبي إن الصلاة تعتبر من أفضل أنواع الرياضات لأنها تلازم المؤمن طيلة حياته وبنظام شديد الدقة. وبالتالي يتجنب الكثير من الأمراض مثل ترقق العظام والناتج عن قلة الحركة. وتقوس العمود الفقري، وقد ثبت أن المحافظة على الصلوات تعيد للجسم حيويته وتنظم عمليات الجسم الداخلية.إن الركوع والسجود في الصلاة يقويان عضلات البطن والساقين والفخذين. كما تزيد حركات الصلاة من نشاط الأمعاء فتقي من الإمساك.كذلك الركوع والسجود يؤديان إلى تقليل ضغط الدم على الدماغ ليسمح بعودة تدفق الدم إلى كافة أعضاء الجسم. كما أن المرأة الحامل تستفيد من حركات الصلاة في تنشيط حركة عضلاتها ودورتها الدموية وتخفيف الضغط والثقل الذي يسببه الجنين على القدمين من خلال السجود. كما أن حركات الصلاة تعتبر بمثابة تمارين رياضية للحامل وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة من الحمل، وهذه الرياضة مهمة لتيسير الولادة الطبيعية. الصلاة ومرضى الروماتيزمنجد أن الصلاة بالحركات المنتظمة في أدائها تقي الجسم من بعض الآلام الروماتيزمية خاصة مرض الروماتويد.وقد أوضح ذلك أستاذ بجامعة مانشستر بانجلترا كانت قد دعته إحدى الشركات الدوائية الانجليزية لإلقاء محاضرات علمية بغرض تسويق منتج دوائي في دول الخليج العربي لمرضى الروماتيزم، وقد اعترف بحقيقة علمية مهمة حين قال: "إنه ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مرض الروماتيزم والروماتويد يقل بشكل ملحوظ بين المسلمين مقارنة بغيرهم من غير المسلمين تحت نفس الظروف البيئية والغذائية الواحدة، وذلك لأن قيام المسلمين بأداء الصلاة بصورة منتظمة وبحركاتها تلك تمنع تراكم بعض الترسبات عند المفاصل التي تسبب الألم.ومن ثم فقد استفادت مراكز الأبحاث والعلاج الطبية العالمية من ذلك ونصحوا مرضاهم بأداء تمرينات رياضية مشابهة للصلاة. ففي الصلاة تقوية للعمود الفقري، ومن ثم تقي من الانزلاق الغضروفي، والذي يتسبب في آلام شديدة خاصة في الذراعين أوالساقين.كما أن الصلاة فيها تقوية لمفاصل الكعبين بجانب أن عملية السجود تمنع تراكم المواد الدهنية في أماكن معينة، هذا إلى جانب أن عملية التكبير والقراءة والتسبيح في الصلاة مع حركاتها المنتظمة تعتبر تمرينات تنفسية منتظمة، كما أن التسليم في نهاية الصلاة تمرينات للرقبة تقيها مما قد يحدث من تيبس عضلي.أهمية السجود وإعجازه لماذا نسجد لله؟إن العبد يكون أقرب ما يمكن من الله في حالة السجود.إن كل شيء يسجد لله في هذا الكون: الشمس والقمر والنجوم والشجر وحتى كل خلية من خلايا جسد وكل ذرة من ذرات هذا الكون: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) [الحج: 18].إن كل سجدة تسجدها لله يرفعك بها درجة، وكل درجة تساوي ما بين السماء والأرض!!السجود هو رياضة لتفريغ الشحنات الزائدة ولتنشيط الدورة الدموية وللزيادة التركيز وتدريب الإنسان على الصبر والهدوء (لاحظوا معي أن الإنسان الانفعالي سريع الغضب لا يستطيع أن يطيل سجوده!). انظروا معي إلى حال هؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه بقوله (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 64]. فما هو جزاؤهم؟ انظروا معي: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا) [الفرقان: 75]. وانظروا معي كيف قرن الله بين السجود في الليل وبين الصبر، وهذا دليل على أن كثرة السجود تعالج الانفعالات وتزيد الإنسان صبراً!عدم السجود أخرج إبليس من الجنة لقد ربط القرآن بين السجود والتكبر، والتكبر مرض عضال، وحتى في علم النفس يعتبرون أن التكبر حالة شاذة تسبب التوتر النفسي، بل إن الدراسات العلمية أظهرت أن أطول الناس أعماراً هم أكثرهم تواضعاً وتسامحاً . (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) الأعراف: 11 -13)طاقة الخشوع (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد: 16]. هذه آية عظيمة تخاطب كل مؤمن لتذكره بأهمية الخشوع لله تعالى، ولو تأملنا آيات القرآن نلاحظ أنه يعطي أهمية كبيرة لهذا الأمر، فما السر في ذلك؟ لنتأمل هذه الحقائق العلمية والقرآنية.هل للخشوع طاقة؟أظهرت الدراسات العلمية أن التأمل (وهو مجرد أن يجلس المرء ويحدّق في جبل أو شمعة أو شجرة دون حركة ودون تفكير)له فائدة كبيرة في معالجة الأمراض وتقوية الذاكرة وزيادة الإبداع والصبر وغير ذلك.ولكن القرآن لم يقتصر على التأمل المجرد، بل قرنه بالتفكر والتدبر وأخذ العبرة والتركيز على الهدف، وسماه "الخشوع" والخشوع من أهم العبادات وأصعبها لأنه يحتاج لتركيز كبير، وهكذا فإن كلمة "الخشوع" تدل على أقصى درجات التأمل مع التفكير العميق، وهذا الخشوع ليس مجرد عبادة بل له فوائد مادية في علاج الأمراض واكتساب قدرات هائلة ومتجددة. الخشوع والقلب أظهرت دراسة جديدة نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية أن التأمل لفترات طويلة ومنتظمة يقي القلب من الاضطراب. ويعمل التأمل على علاج ضغط الدم العالي وبالتالي تخفيف الإجهاد عن القلب. ولذلك قال تعالى مخاطباً المؤمنين: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الحديد: 16].وتؤكد الدراسات أهمية التأمل والخشوع في استقرار عمل القلب .إن الدراسات تثبت اليوم أن التأمل يعالج الاكتئاب والقلق والإحباط، وهي أمراض العصر التي تنتشر بكثافة اليوم. ليس هذا فحسب بل وجدوا أن التأمل المنتظم يعطي للإنسان ثقة أكثر بالنفس ويجعله أكثر صبراً وتحملاً لمشاكل وهموم الحياة. يقول تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. الخشوع وعلاقته بالموجات التي يطلقها الدماغ لقد وجد العلماء أن دماغ الإنسان يصدر ترددات كهرطيسية باستمرار، ولكن قيمة الترددات تتغير حسب نشاط الإنسان. ففي حالة التنبه والنشاط والعمل والتركيز يطلق موجات اسمها "بيتا" وهي ذبذبات يتراوح ترددها من 15 إلى 40 ذبذبة في الثانية (هرتز)،وفي حالة الاسترخاء والتأمل العادي يطلق الدماغ موجات "ألفا" ويتراوح ترددها من 9 إلى 14 ذبذبة في الثانية، أما في حالة النوم والأحلام والتأمل العميق فيعمل الدماغ على موجات "ثيتا" وهي من 5-8 هرتز،وأخيراً وفي حالات النوم العميق بلا أحلام يطلق الدماغ موجات "دلتا" وقيمتها أقل من 4 هرتز.نستطيع أن نستنتج أن الإنسان كلما كان في حالة خشوع فإن الموجات تصبح أقل ذبذبةً، وهذا يريح الدماغ ويقوِّيه ويساعد على إصلاح الخلل الذي أصابه نتيجة مرض أو اضطراب نفسي مثلاً،لذلك يعتقد بعض الباحثين أن الانفعالات ترهق الدماغ وبالتالي يقصر العمر، بينما التأمل يريح الدماغ ويطوِّل العمر!الخشوع يزيد حجم الدماغ قام باحثون من كلية هارفارد الطبية حديثاً بدراسة التأثير المحتمل للتأمل على الدماغ فوجدوا أن حجم دماغ الإنسان الذي ينفق شيئاً من وقته على التأمل بانتظام أكبر من حجم دماغ الإنسان العادي الذي لم يعتد التأمل أو الخشوع، ولذلك هناك اعتقاد بأن التأمل يزيد من حجم الدماغ أي يزيد من قدرات الإنسان على الإبداع والحياة السليمة والسعادة.فقد وجدوا أن قشرة الدماغ في مناطق محددة تصبح أكثر سمكاً بسبب التأمل، وتتجلى أهمية هذه الظاهرة إذا علمنا أن قشرة الدماغ تتناقص كلما تقدمنا في السن، وبالتالي يمكن القول: إن التأمل يطيل العمر أو يبطئ تقدم الهرم!الخشوع يخفف الآلامبعد فشل الطب الكيميائي في علاج بعض الأمراض المستعصية، لجأ بعض الباحثين إلى العلاج بالتأمل بعدما لاحظوا أن التأمل المنتظم يساعد على تخفيف الإحساس بالألم، وكذلك يساعد على تقوية جهاز المناعة.وفي دراسة جديدة تبين أن التأمل يعالج الآلام المزمنة، فقد قام بعض الباحثين بدراسة الدماغ لدى أشخاص طُلب منهم أن يغمسوا أيديهم في الماء الساخن جداً، وقد تم رصد نشاط الدماغ نتيجة الألم الذي شعروا به، وبعد ذلك تم إعادة التجربة مع أناس تعودوا على التأمل المنتظم، فكان الدماغ لا يستجيب للألم، أي أن التأمل سبّب تأثيراً عصبياً منع الألم من إثارة الدماغ.وهكذا نستطيع أن نستنتج أن الخشوع يساعد الإنسان على تحمل الألم بل وتخفيفه بدرجة كبيرة. وهو أفضل وسيلة لتعلم الصبر، وعلاج فعال للانفعالات يقول العلماء إن خلايا الدماغ تحتاج للتأمل والتفكر دائماً لتستعيد نشاطها بل لتصبح أكثر فاعلية، وإن الأشخاص الذين تعودوا على التفكر العميق في الكون مثلاً هو الأكثر إبداعاً!!وهنا ندرك أهمية قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 190-191]. الخشوع والعاطفة لاحظ بعض العلماء عندما أجروا مسحاً للدماغ بالرنين المغنطيسي الوظيفي fMRI أن الإنسان الذي يتعود على التأمل، يكون أكثر قدرة على التحكم بعواطفه، وأكثر قدرة على التحكم بانفعالاته، وبالنتيجة أكثر قدرة على السعادة من غيره!بل بيَّنت التجارب أن التأمل يساعد على تنظيم عاطفة الإنسان وعدم الإسراف أو التهور في قراراته، لأن التأمل ينشط المناطق الحساسة في الدماغ تنشيطاً إيجابياً بحيث يزيل التراكمات السلبية والخلل الذي أصاب هذه الأجزاء نتيجة الأحداث التي مر بها الإنسان.الخشوع لعلاج الأمراض المستعصية هناك مراكز خاصة في الغرب تعالج المرضى بالتأمل، ويقولون إن التأمل يشفي من بعض الأمراض التي عجز الطب عنها، ولذلك تجد اليوم إقبالاً كبيراً. سبحان الله! ألسنا نحن أولى منهم بهذا العلاج، لأن القرآن جعل الخشوع والتأمل والتفكر في خلق الله عبادة عظيمة. الخشوع والناصية أن ناصية الإنسان أي الجزء الأمامي من الدماغ تنشط بشكل كبير أثناء التأمل والتفكير العميق والإبداعي، هذه المنطقة من الدماغ هي مركز القيادة أيضاً لدى الإنسان ومركز اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية. ولهذا الجزء من الدماغ أثر كبير على سلوكنا وعواطفنا واستمرار حياتنا.ولذلك نجد أن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام ركَّز على هذا الجزء في دعائه لربه فكان يقول: (ناصيتي بيدك) أي يا رب لقد أسلمتك ناصيتي وهي مركز القيادة والقرارات والسلوك . الخشوع والصلاةيؤكد القرآن على الدور الكبير للخشوع في المحافظة على الصلاة، لأن كثيراً من المسلمين لا يلتزمون بالصلاة على الرغم من محاولاتهم المتكررة إلا أنهم يفشلون في المحافظة عليها لأنهم فقدوا الخشوع. ولذلك يقول تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: 45]. وهكذا يتبين الدور الكبير للخشوع في الصلاة، ولذلك ربط القرآن بين الصلاة والخشوع.والعجيب أن القرآن في هذه الآية ربط بين الصبر والخشوع، وقد وجد العلماء بالفعل أن التأمل يزيد قدرة الإنسان على التحمل والصبر ومواجهة الظروف الصعبة! كيف نمارس الخشوع في حياتنا اليومية؟ينبغي أن نصحح الفكرة السائدة أن الخشوع يكون في الصلاة فقط أو في قراءة القرآن، والصواب أن الخشوع هو منهج يعيشه المؤمن كل لحظة كما كان أنبياء الله يفعلون،فإذا تأملنا حياة الأنبياء عليهم السلام نلاحظ أنها مليئة بالخشوع، بل كانوا في حالة خشوع دائم، وهذا ما أعانهم على التحمل والصبر على الأذى والاستهزاء، ولذلك قال تعالى عنهم: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90] الخشوع هو نتيجة العمل الصالح والدعاء والمسارعة في الخيرات ربما بعد هذه الحقائق نعلم لماذا ألهم الله نبيه وحبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم قبل البعثة الشريفة أن يذهب إلى غار حراء ويخلو بنفسه، ليتأمل في خلق هذا الكون ويتفكر في عظمة الخالق تبارك وتعالى، لأن هذه المرحلة ضرورية جداً لتعطيه القدرة على الصبر والتحمل ليحمل أعباء أعظم رسالة على وجه الأرض..مواقيت الصلاةقال الله تعالى: ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا ).أكدت البحوث العلمية الحديثة أن صلاة المسلمين تتوافق تماماً مع أوقات النشاط الفسيولوجي للجسم.مما يجعلها وكأنها هي القائد الذي يضبط إيقاع عمل الجسم كله. جاء في كتاب الاستشفاء بالصلاة إن الكورتيزون الذي هو هرمون النشاط في جسم الإنسان يبدأ في الازدياد وبحدة مع دخول وقت صلاة الفجر ويتلازم معه ارتفاع منسوب ضغط الدم ولهذا يشعر الإنسان بنشاط كبير بعد صلاة الفجر بين الساعة السادسة والتاسعة صباحاً.لذا نجد هذا الوقت بعد الصلاة هو وقت الجد والتشمير للعمل وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (اللهم بارك لأمتي في بكورها).وقت الضحى يقل إفراز الكورتيزون ويصل لحده الأدنى فيشعر الإنسان بالإرهاق مع ضغط العمل ويكون في حاجة إلى راحة وهنا يدخل وقت صلاة الظهر فتؤدي دورها كأحسن ما يكون من بث الهدوء والسكينة في القلب والجسد المتعبين...بعدها يسعى المسلم إلى طلب ساعة من النوم تجدد نشاطه وذلك بعد صلاة الظهر وقبل صلاة العصر وهو ما نسميه بالقيلولة، وقد قال عنها الرسول عليه وسلم: (أقيلوا فإن الشياطين لا تقيل).وثبت علمياً أن جسم الإنسان يمر بشكل عام في هذه الفترة بصعوبة بالغة حيث يرتفع معدل مادة كيمائية مخدرة يفرزها الجسم فتحرضه على النوم.ويكون هذا تقريبا بعد سبع ساعات من الاستيقاظ المبكر، فيكون الجسم في أقل حالات تركيزه ونشاطه.وإذا ما استغنى الإنسان عن نوم هذه الفترة فإن التوافق العضلي العصبي يتناقص كثيرا طوال هذا اليوم. ثم تأتي صلاة العصر ليعاود الجسم بعدها نشاطه مرة أخرى ويرتفع معدل الأدرينالين في الدم فيحدث نشاط ملموس في وظائف الجسم خاصة النشاط القلبي ويكون هنا دور خطير في تهيئة الجسم والقلب بصفة خاصة لاستقبال هذا النشاط المفاجئ والذي كثيراً ما يتسبب في متاعب خطيرة لمرضى القلب للتحول المفاجئ للقلب من الخمول إلى الحركة النشطة.وهنا يتجلى السر البديع في توصية مؤكدة في القرآن بالمحافظة على صلاة العصر حين يقول تعالى: (وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين). (البقرة 238) ثم تأتي صلاة المغرب فيقل إفراز الكورتيزون ويبدأ نشاط الجسم في التناقص وذلك مع التحول من الضوء إلى الظلام فيزداد إفراز مادة الميلاتونين المشجعة على الاسترخاء والنوم وتكون الصلاة بمثابة محطة انتقالية .وتأتي صلاة العشاء التي ينتقل فيها الجسم من حالة النشاط إلى الرغبة التامة في النوم مع شيوع الظلام وزيادة إفراز "الميلاتونين" . لذا يستحب للمسلمين أن يؤخروا صلاة العشاء إلى قبيل النوم للانتهاء من كل ما يشغلهم ، ويكون النوم بعدها مباشرة .لذا نجد أن الالتزام بأداء الصلوات في أوقاتها هو أدق أسلوب يضمن للإنسان توافقا كاملا مع أنشطته اليومية مما يؤدي إلى أعلى كفاءة لوظائف أجهزة الجسم البشري. ونحصل من جراء ذلك على انسجام تام بين المواعيد البيولوجية داخل الجسم ، والمواعيد الخارجية للمؤثرات البيئية كدورة الضوء ودورة الظلام، والمواعيد الشرعية بإداء الصلوت الخمس في مواقيتها.الصلاة الوسطى شغلت الآية الكريمة: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين} بعض العلماء والباحثينما هو مغزى التأكيد والتخصيص للصلاة الوسطى؟قام أحد الأطباء العرب المسلمين المقيمين في فرنسا بالبحث عن ذلك، وقدم بحثه إلى المؤتمر الدولي للإعجاز الطبي في القرآن الكريم، والذي عقد بالقاهرة في أوائل التسعينيات الميلادية، أجرى تجاربه على سبعين جندياً لمدة ثلاثة أيام في حقل الرماية وسط جو الإزعاج الذي يقع في حالة الحرب، وقيست كمية الأدرينالين في البول، فوجد أن نسبة هذا الهرمون ترتفع بعد الظهر على وجه الخصوص، وهو ما يزيد التوتر البيولوجي في جسم الإنسان، وحتى يتخلص الجسم من هذا التوتر، فإنه يكون في حاجة إلى استرخاء جسدي ونفسي.ومن المعروف علمياً أن نسبة هرمون الأدرينالين والمعروف بهرمون التوتر تكون في أقصى درجاتها بعد الظهر، وبذلك يكون الجسم في حالة أقرب إلى التوتر، والتشنج البيولوجي الذي يعتبر مسبباً للكثير من الأمراض النفسية والجسدية،بجانب أن الآثار السلبية لازدياد هرمون الأدرينالين عن الحد المعقول تؤدي إلى ازدياد ضغط الدم، وارتفاع السكر، وزيادة دقات القلب، واسترخاء العضلات اللينة، وانقباض العضلات المخططة، وغير ذلك من التأثيرات الأخرى، ولا شك أن المحافظة على الصلاة الوسطى تعد مناسبة لإعطاء الفرصة لاسترخاء وهدوء الجسم، وهذا يجعل فرصة وجود حالات توتر مفاجئ مثل الذي قد يحدث أثناء الانشغال بالحياة والأعمال اليومية العادية قليلة جداً.الصلاة والأثر النفسي أظهرت دراسة أمريكية جديدة قامت بها جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة حول تأثير طرق العلاج الروحي والصلاة على صحة المريض وفوائدها في المساعدة على الشفاء من بعض الأمراض أن الصلاة والعلاج الروحي يمكن أن يقللا من الألم الذي يشعر به المريض وأن يعجلا بشفائه.هنالك آثار نفسية عظيمة للصلاة، فعندما يتم المؤمن خشوع الصلاة فإن ذلك يساعده على التأمل والتركيز والذي هو أهم طريقة لمعالجة التوتر والإرهاق العصبي. كذلك الصلاة علاج ناجع للغضب والتسرع والتهور فهي تعلم الإنسان كيف يكون هادئاً وخاشعاً وخاضعاً لله عز وجل وتعلمه الصبر والتواضع.هذه الأشياء تؤثر بشكل جيد على الجملة العصبية وعلى عمل القلب وتنظيم ضرباته وتدفق الدم خلاله. إن الصلاة هي صلة العبد بربه، فعندما يقف المؤمن بين يدي الله تعالى يحس بعظمة الخالق تعالى ويحسُّ بصغر حجمه وقوته أمام هذا الإله العظيم. هذا الإحساس يساعد المؤمن على إزالة كل ما ترسب في باطنه من اكتئاب وقلق ومخاوف وانفعالات نفسية لأنها تزول جميعاً بمجرد أن يتذكر المؤمن أنه يقف بين يدي الله وأن الله معه ولن يتركه أبداً ما دام مخلصاً في عبادته لله عز وجل. قيام الليل جاء في كتاب " الوصفات المنزلية المجربة و أسرار الشفاء الطبيعية " و هو كتاب يالانجليزية لمجموعة من المؤلفين الامريكيين – طبعة 1993 ، أن القيام من الفراش أثناء الليل و الحركة البسيطة داخل المنزل و القيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة ، و تدليك الاطراف بالماء ، و التنفس بعمق له فوائد صحية عديدة. و المتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماما حركات الوضوء و الصلاة عند قيام الليل ، و قد سبق النبي صلى الله عليه وسلم كل هذه الأبحاث في الإشارة المعجزة إلى قيام الليل فقال :" عليكم بقيام الليل ، فانه دأب الصالحين قبلكم ، و قربة إلى الله عز و جل ، و منهاة عن الإثم ، و تكفير للسيئات ، و مطردة للداء من الجسد " ... أورده الألباني في صحيح الجامع برقم 4079 ." يؤدي قيام الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول ( و هو الكورتيزون الطبيعي للجسد ) خصوصا قبل الاستيقاظ بعدة ساعات . و هو ما يتوافق زمنيا مع وقت السحر ( الثلث الأخير من الليل ) ،مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم ، و الذي يشكل خطورة علي مرضى السكر ، و يقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم ، و يقي من السكتة المخية و الأزمات القلبية في المرضي المعرضين لذلك .. يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي ، الذي يحدث نتيجة لبطء سريان الدم في أثناء النوم ، و زيادة لزوجة الدم بسبب قلة تناول السوائل، أو زيادة فقدانها. أو بسبب السمنة المفرطة و صعوبة التنفس مما يعوق ارتجاع الدم الوريدي من الرأس . يؤدي قيام الليل إلى تحسن و ليونة في مرضي التهاب المفاصل المختلفة ، سواء كانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة و التدليك بالماء عند الوضوء . قيام الليل علاج ناجح لما يعرف باسم " مرض الإجهاد الزمني " لما يوفره قيام الليل من انتظام في الحركة ما بين الجهد البسيط و المتوسط ، الذي ثبتت فاعليته في علاج هذا المرض . يؤدي قيام الليل إلى تخلص الجسد من ما يسمي بالجليسيرات الثلاثية ( نوع من الدهون ) التي تتراكم في الدم خصوصا بعد تناول العشاء المحتوي علي نسبه عالية من الدهون. التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 32% في هؤلاء المرضي مقارنة بغيرهم . قيام الليل ينشط الذاكرة و ينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة و تدبر للقرآن و ذكر للأدعية و استرجاع لأذكار الصباح و المساء . فيقي من أمراض الزهايمر و خرف الشيخوخة و الاكتئاب و غيرها . الخاتمةبسبب الأهمية البالغة لهذه الفريضة، جاء التأكيد على أنه لا يجوز للمؤمن أن يتركها مهما كان السبب فيجوز له أن يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى جنبه حسب ما تسمح به الحالة الصحية له. وحتى عندما يكون المؤمن على فراش الموت فلا يجوز له أن يترك الصلاة، بل هل هنالك أجمل من أن يختم المؤمن أعماله في هذه الدنيا بركعات يتصل بها مع الله تعالى؟ والله أكبر ولله الحمدوصلى الله وسلم على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين __________________