الكسل لايطعم العسل
كان الجميع يعيش في قرية صغيرة هادئة بعيدة عن ضوضاء المدينة الصاخبة.
كل شخص يعمل بجد ونشاط وكأنهم أسرة واحدة.
هذا يقلم الأشجار،
هذا يقطف الثمار،
وهذا يحفر الأرض ليخرج الماء.
وكانت أم عدنان تطبخ الطعام لتقدمه لهم، بمساعدة نساء القرية.
وفي نهاية الموسم كانوا يقتسمون ما كسبوه من رزق حلال فيما بينهم.
كان هناك مصطفى شاب كسول خمول، يدّعي المرض دائماً، يحمل العصا في يده كي يتوكأ عليها وكأنه عجوز طاعن في السن
حتى ملابسه كانت دائماً متسخة ومرقّعة بعدة رقعات، لأنه لا يملك المال لشراء ملابس جديدة
وهو يأكل مما يأكل شباب القرية من طعام أم عدنان، ويستلقي على الأرض تحت ظل الشجرة، ينظر إلى الشباب وهم يعملون
ويجدون ثم يغطّ في نوم عميق، حتى يأتي الطعام، فيوقظه بعض الشباب، ليقوم معهم عندما يأكلون
تضايق الشباب من تصرف مصطفى وقرروا أن يلقنوه درساً لن ينساه أبداً.
اتفق الشباب مع أم عدنان أن تضع الطعام خلف المنزل بعيداً عن مصطفى، حتى لا يشعر مصطفى بقدوم الطعام فيستيقظ.
انتهى الشباب من تناول الطعام، واستلقوا قليلاً ليرتاحوا ومن ثم يعاودوا نشاطهم من جديد.
استيقظ مصطفى عند المغيب، ونظر من حوله فرأى الشباب يعملون بجد ونشاط.
شعر مصطفى بالجوع يقرص معدته، اقترب من أم عدنان وهو يتوكأ على عصاه، وسألها عن الطعام.
تبسمت أم عدنان وقالت:
لقد أكلنا وشبعنا يا مصطفى، وأنت تغطّ في النوم العميق، ولم يبقَ لدي طعام.
غضب مصطفى ولكنه لم يستطع أن يقول شيئاً، لأن شباب القرية كثيراً ما حدثوه عن قيمة العمل
وأن قيمة الإنسان بالعمل وليس بالراحة والاسترخاء.
عاد مصطفى إلى مكانه واستلقى مرة أخرى، ولكنه لم يستطع النوم، من شدة جوعه.
بقي مصطفى هكذا حتى نام والجوع يقرصه قرصاً شديداً.
في اليوم الثاني عاد مصطفى مرة أخرى واستلقى تحت ظل الشجرة ونام، وقد أوصى أم عدنان
أن توقظه عندما يحين وقت الطعام.
أيضاً هذه المرة تناول الشباب الطعام خلف المنزل ولم يوقظوا مصطفى.
استيقظ مصطفى وتلفّت حوله فلم يجد أحداً.
أخذ العصى وتوكأ عليها، وبدأ يبحث عن شباب القرية هنا وهناك، حتى وصل إليهم فوجدهم قد انتهوا من طعامهم
وكل واحد منهم قد استلقى ليرتاح قليلاً.
غضب مصطفى وجاء إلى أم عدنان وطلب منها الطعام، فقالت له
الطعام فقط لمن يشتغل ويتعب، وليس لمن ينام ويرتاح تحت ظل الشجرة
أمسك مصطفى معدته وأخذ يصيح من الألم، ولكن دون جدوى، فالطعام قد نفد
في اليوم الثالث، جاء مصطفى مبكراً، ولم يحمل عصاه،
وشمّر عن ساعديه، وأخذ يعمل بجد واجتهاد.
نظر شباب القرية إلى مصطفى، وفرحوا به فرحاً كبيراً
وعند الظهيرة اقتربت أم عدنان من مصطفى وقالت له
هيا يا مصطفى إلى الطعام، فأنت تعبت اليوم كثيراً، وتحتاج إلى الطعام يا عزيزي، هيا.. هيا