أدرك العلماء أخيراً أن الكون الذي نعيش فيه هو مادة وطاقة، فالمادة هي الأشياء الملموسة مثل المعادن والذرات والهواء والماء وغير ذلك، والطاقة هي الأشياء غير الملموسة مثل الضوء والحرارة والصوت والأشعة وغير ذلك. وقد قدم آينشتاين معادلة المادة والطاقة والتي تقضي بإمكانية تحول المادة إلى طاقة وبالعكس وفق قانون كوني هو:
الطاقة = المادة × مربع سرعة الضوء (1)
وأدرك العلماء أشكالاً كثيرة للطاقة ولكنها جميعاً عبارة عن موجات تتحرك في الفراغ، فالضوء الذي نرى بواسطته الأشياء من حولنا هو موجات كهرطيسية لها طاقة محددة، وكلما زاد تركيز الضوء زادت هذه الطاقة حتى نصل إلى أشعة الليزر وهي عبارة عن طاقة مركزة للضوء.
أما الصوت الذي نسمعه ونتواصل بواسطته فهو موجات ميكانيكية تنتقل في الهواء وهذه الموجات تحمل طاقة محددة أيضاً، وكذلك أي عمل نبذله هو عبارة عن طاقة، وأي حركة نقوم بها فإننا نبذل طاقة... أيضاً الوقود الذي نضعه في السيارة يحترق ويعطي طاقة حرارية محركة، ومع أننا لا نرى الطاقة ولكننا نرى نتائجها. فنحن لا نرى الحرارة المتولدة في المحرك ولكن نرى السيارة وهي تسير!
إذاً الحقيقة العلمية أن كل شيء في الكون يتكون من ذرات وبما أن الذرة تهتز، فإن كل شيء من حولنا يهتز وينشر حوله مجالاً من الطاقة، أي أن الطاقة موجودة في كل خلية من خلايا أجسادنا، وموجودة حولنا حيث وجد العلماء أن كل إنسان له مجال كهرطيسي حوله (هالة)، ويمكن أن يؤثر به على الآخرين، وهذا ما يفسر أنك ترتاح لأشخاص من النظرة الأولى، وتنفر من أشخاص آخرين من النظرة الأولى!
ما هو العلاج بالطاقة
حاول الناس قديماً في اليابان معالجة الأمراض بطرق بدائية، وكذلك كل شعب من الشعوب القديمة حاول إعطاء تفسير لما يحدث معه من مرض وشفاء. ولكن اليابانيين لاحظوا أثراً للمس المريض أثناء علاجه، أطلقوا اسم (الريكي) أو الطاقة الكونية، واعتقدوا بأن الكون مليء بالطاقة وتتأثر أجسادنا بهذه الطاقة، ويمكن أخذ الطاقة من الكون وتركيزها في أجسادنا لتساعدنا على الشفاء. ويقولون إن الإنسان هو عبارة عن كمية من الطاقة المركزة، وهناك أناس لديهم القدرة على تركيز هذه الطاقة في أجسادهم والتأثير بها على الآخرين من أجل إعادة التوازن للجسم، فلديهم اعتقاد أن أي مرض يحدث للإنسان فإنه يسبب عدم التوازن في طاقة الجسم ولابد من إعادة التوازن ليحدث الشفاء، وغير ذلك من الاعتقادات.
لديهم اعتقاد بوجود طاقة الأرض أيضاً، ويجب عليك أن تندمج مع طاقة الأرض لأنك خلقت منها وستعود إليها، وهناك مسارات محددة في جسدك ومناطق استقبال الطاقة وعددها 7 مناطق، والعلاج يعتمد على أنك يجب أن تتخيل الطاقة وهي تتدفق عبر جسدك من خلال قنوات في الرأس والقلب وأجزاء الجسد.
يستخدم هؤلاء العلاج باللمس Healing Touch للوصول إلى الشفاء، والمصطلح QI يعبر عن تدفق الطاقة في مسارات الجسد، ويعتقدون بوجود مجال طاقة يحيط بالجسد يسمى Aura وهناك نقاط تتأثر بهذه الطاقة في الجسم تدعى charka وهناك طاقة إيجابية وطاقة سلبية معاكسة. فالطاقة الإيجابية فعالة وشافية والطاقة السلبية تسبب المرض والاكتئاب.
يحاول العلماء اليوم وضع نظريات وطرق جديدة لشفاء الأمراض المستعصية، وقد لاحظوا أن العلاج بالطاقة وعلم النفس والبرمجة اللغوية العصبية له أثر كبير على بعض الحالات المزمنة. ولكننا كمسلمين لدينا كتاب الله.. فيه الشفاء الحقيقي، وقد أودع الله فيه طاقة هائلة لا يعرفها إلا من جربها واستفاد منها. ولذلك ندعو للاستفادة من أبحاث الغرب بما يتفق مع القرآن والسنة المطهرة ونترك ما يخالفهما.
حقائق لابد من معرفتها
- يبث دماغ الإنسان ذبذبات تنتشر لعدة أمتار ويمكن التأثير بها على الآخرين.
- يبث القلب ذبذبات تنتشر حول الإنسان وهي أقوى بمئة مرة من ذبذبات الدماغ، وتؤثر على قلوب الآخرين!
- كل ذرة من ذرات الكون تنشر حولها مجالاً كهرطيسياً يمكن قياسه ومعرفته بأجهزة خاصة.
- الطاقة الكونية غير ملموسة ولا يمكن رؤيتها أو التقاطها بالأجهزة، إنها طاقة افتراضية قد تكون موجودة أو لا، ولكن كثير من الباحثين يرجح وجودها، لأن هذه الطاقة تفسر لنا الكثير من الظواهر.
ما هو الفرق بين الطاقة الكونية والطاقة الفيزيائية؟
الطاقة الفيزيائية التي يدرسها العلماء قابلة للقياس والكشف بواسطة الأجهزة، فهم يستطيعون قياس حقول الطاقة التي تبثها الشمس باتجاه الأرض مثلاً، أما الطاقة الكونية المستخدمة في العلاج فهي غير قابلة للقياس بالوسائل المتوافرة حالياً، ولكن قد يتطور العلم ويتمكن العلماء من قياس وكشف هذه الطاقة الخفية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المعالجين اليوم يعتمدون على العلاج بطاقة الموجات الكهرطيسية، فيقومون يتصميم جهاز يبث هذه الموجات ويؤثرون بها على مكان الألم وقد حصلوا على بعض النتائج. فقد وجد العلماء أن كل خلية من خلايا الجسم لها اهتزازات محددة، ولذلك فهي تتأثر بالاهتزازات. فالخلية تتأثر بالصوت لأنه عبارة عن اهتزازات ميكانيكية، وتتأثر بالحقول المغنطيسية لأن هذه الحقول عبارة عن اهتزازات كهربائية ومغنطيسية وهكذا.
ولكن العلماء لازالوا في رحلتهم في البحث عن الترددات الصحيحة الشافية، ولكن حسب اعتقادي أنهم لن يجدوا هذه الترددات إلا في صوت القرآن، لأننا عندما نسمع القرآن فإن الترددات الصوتية تؤثر بطريقة خاصة على خلايا جسدنا وتجعلها تهتز بطريقة صحيحة وتعيد لها التوازن (انظر بحث: قوة العلاج بالقرآن).
اعتقادات فاسدة في علم الطاقة ينبغي التخلص منها
يعتقد بعض الشعوب مثل الهندوس وغيرهم أن الطاقة هي القوة المؤثرة في العالم، ويعتقد المعالجون بالطاقة من غير المسلمين أن للكون إلهاً ولكنهم يعطونه صفات لا تليق بالخالق عز وجل. وتختلف نظرة الشعوب القديمة لهذه الطاقة حسب معتقدات العصر الخاص بهم، ولكنهم يشتركون جميعاً بعقائد وثنية وشركية ما أنزل الله بها من سلطان. ولو تأملنا اليوم في الباحثين الكبار على مستوى العالم نجد أن معظم من يبحث في هذا العلم (علم الطاقة الكونية) هم أناس غير مسلمين ولديهم عقائد فاسدة ومنهم من يعتبر أن الطاقة الكونية هي إله الكون – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
عندما يلتقي العلم مع الروح
إن العلاج بالطاقة له أساس علمي فنحن نرى نتائجه ولا يمكننا أن ننكرها، ولكن وبسبب عدم وضوح هذا الأساس العلمي يقوم الدجالون باستغلال هذا النوع من العلاج مدَّعين قدرتهم على شفاء كل الأمراض.
في علم الطب هناك علاج اسمه العلاج الوهمي أو المموه، يعطي الطبيب مريضه دواء وهمياً (زجاجة ماء وسكر مثلاً) ويؤكد له أن هذا الدواء ثمنه مرتفع جداً وقادر على شفائه وقد جربه الكثيرون واستفادوا منه، فتكون النتيجة أن المريض بمجرد تناوله لهذا الدواء الوهمي يبدأ جسده بالاستجابة ويحدث الشفاء!!!
إن الذي حدث هنا هو نوع من أنواع العلاج بالطاقة، فقد أعطى الطبيب تعليمات للمريض أحدثت في خلايا دماغه تغييرات تناسب هذه المعلومات فيعطي الدماغ أوامر للجزء المريض من الجسد ليقوم بالعلاج الذاتي، وهذا النوع من الشفاء الذاتي موجود في كل منا، وهو نعمة من الله تعالى.
برنامج جامعة ستانفورد للعلاج بالطاقة
لقد لفت هذا الموضوع انتباه بعض الباحثين فقرروا القيام بتجارب لكشف مدى مصداقية هذا العلاج، وقد ساهمت بعض النساء المصابات بسرطان الثدي كمتبرعات لإجراء جلسات العلاج وتثبيت النتائج.
واليوم يحاول بعض الباحثين في جامعة ستانفورد الاستفادة من المعالجين في علم الطاقة في محاولة منهم لتفسير ما يجري، فقد لاحظ العلماء تأثيراً كبيراً على بعض الأمراض المستعصية عندما يمرر المعالج يده فوق جسد المريض وبخاصة مكان الألم. إن هؤلاء الباحثين يرون النتائج ولكن لا يمكنهم معرفة الأسباب، ولا يستطيعون قياس أو كشف هذه الطاقة الخفية.
وحتى هذه اللحظة لم يحصل الباحثون في هذه الجامعة العريقة على نتائج ملموسة، وكل ما لاحظوه هو بعض علامات التحسن على المرضى، الذين يفضلون هذا النوع من العلاج لأن العلاج الكيميائي يسبب لهم الألم والمعاناة والغثيان وغير ذلك. فقد أبدى 69 % من المشاركين في الدراسة ارتياحهم لهذا العلاج وشعورهم بزوال الكآبة والحزن. و 81 % شعروا بوجود تغير في حياتهم نحو الأفضل.
لماذا نترك القرآن ونلجأ لغيره؟
نحن نعلم أن علم الطاقة الروحي هو علم يستند لأفكار إلحادية وفيها الكثير من الشرك بالله تعالى، ولذلك فإننا نرد هذا العلم إلى أصوله الإسلامية وننقيه من الشوائب والأفكار الإلحادية. فالمؤمن لا يرفض أي علم بحجة أنه صادر عن الملحدين، إنما يفتش عن الحقيقة دائماً في كتاب ربه، ويرد أي شيء إلى الله ورسوله، فالقرآن هو الميزان وهو القول الفصل، وكل ما يتفق مع الكتاب والسنة أخذنا به مهما كان مصدره، وكل ما يتعارض مع الكتاب والسنة رفضناه مهما كان مصدره.
إن القرآن هو مصدر كل العلوم فلا يجوز لنا أن نتخلى عنه ونلجأ إلى علوم لا تقوم على أساس، فجميع العلوم اليوم والصادرة من الغرب لا تعتمد على أساس، بل تجد العلماء حائرين متسائلين عن سر الكون وسر الخلق وسر الأمراض ويطرحون السؤال تلو الآخر، ولا يصلون للحقيقة التي يبحثون عنها، لأنهم يبحثون عنها خارج كتاب الله تعالى. والله أكرمنا بهذا القرآن فقال: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت: 51].
ظواهر غريبة في القرآن
هناك الكثير من الحقائق القرآنية لا يعترف بها العلم الحديث، ولا يمكن لعقل أن يتصورها أو يجد لها تفسيراً مثل المعجزات. فكيف يمكن أن نفسر انشقاق القمر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومثل تحول عصى سيدنا موسى إلى ثعبان مبين، ومثل إحياء الموتى لسيدنا المسيح عليه السلام، وغير ذلك من المعجزات.
هناك ظواهر غريبة جداً في القرآن مثل إحضار عرش ملكة سبأ مسافة ألفي كيلو متر تقريباً في طرفة عين (أي في أقل من 0.025 ثانية)، ولا يمكن تفسير هذه الظواهر إلا أن نعتقد أن الله تعالى أعطى للرجل الذي عنده علم من الكتاب طاقة خارقة تمكَّن بها من إحضار العرش بهذه السرعة الفائقة.
كذلك هناك طاقة هائلة سخرها الله لسيدنا سليمان وهي طاقة الرياح التي تجري بأمره حيث يشاء، ونحن نعلم أن العلماء اليوم يستخدمون طاقة الرياح ولكن لا يستطيعون توجيهها أو التحكم بها، ولكن الله أعطى لسيدنا سليمان القدرة على التحكم بهذه الطاقة.
كذلك لا يمكن أن ننكر وجود طاقة هائلة موزعة في الكون يسميها العلماء بالجاذبية، فكيف يمكن للكون أن يتماسك وينتظم في عمله دون قوة تتحكم به، هذه القوة هي نوع من أنواع الطاقة.
الله تعالى أعطى للنار طاقة يسميها العلماء الطاقة الحرارية يمكن أن تحرق بها الأجسام، ولكن الله عطَّل هذه الطاقة من أجل سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقال: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء: 69]. وهذه الظواهر الغريبة لا يمكن أن نجد لها تفسيراً علمياً إلا أن نعتقد أن الطاقة بيد الله وهو يسخرها لمن يشاء ويعطلها حيث يشاء.
هل هناك طاقة لكلمات القرآن؟
عندما نستمع إلى صوت القرآن ماذا يحدث في خلايا دماغنا؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعلم أن كل حرف من حروف اللغة العربية له تردد خاص، واجتماع حروف محددة في الكلمات تعطي ترددات محددة، والميزة التي تتميز بها آيات القرآن أنها لا تسبه كلام أحد من البشر، ولذلك فإن الترددات "القرآنية" فريدة من نوعها، ولها تأثير مذهل على خلايا الجسد.
فإذا علمنا أن كل ذرة في الكون تهتز بنظام محكم، وكل خلية من خلايا أجسادنا تهتز بنظام محكم، فإن صوت القرآن الذي نسمعه سوف يؤثر على اهتزاز الخلايا، بل ويعيد برمجتها ويصحح عملها، وبالتالي تساهم في الشفاء. فالمرض هو خلل في طريقة اهتزاز الخلايا في عضو ما، وبما أن الصوت هو اهتزازات ميكانيكية أي نوع من أنواع الطاقة، فهذا يعني أن كلمات القرآن محمَّلة بطاقة خاصة بها تؤثر على خلايا الجسد وبخاصة خلايا القلب والدماغ والجلد، وتكون سبباً في شفاء الإنسان المؤمن من الأمراض، وهذه هي فكرة العلاج بالقرآن.
هل هناك طاقة في أسماء الله الحسنى؟
هناك بعض الباحثين يعتقدون أن كل اسم من أسماء الله الحسنى إذا تكرر بعدد محدد من المرات فإنه يشفي من مرض محدد، فما هي حقيقة هذا الأمر؟ أقول إن الله تعالى أودع في أسمائه طاقة يمكن أن تكون وسيلة للشفاء والرزق والمغفرة والرحمة والحماية من الأمراض والمخاطر والشر وغير ذلك، بل أمرنا أن ندعوه بها فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: 180]. فنحن ندعو الله أن يشفينا ببركة هذه الأسماء وبما استودعه الله فيها من أسرار، والإجابة مضمونة لأن الله تعالى تعهد بذلك فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]، فنحن لا نرى الطاقة التي أودعها الله في تكرار أسمائه الحسنى ولكننا كمؤمنين لا نشك بأن هذه الأسماء هي وسيلة للشفاء واستجابة الدعاء.
جاء بعض الباحثين بأعداد وتكرارات لأسماء الله الحسنى لا دليل شرعي أو علمي عليها، ولذلك أنكر بعض العلماء المسلمين هذا النوع من العلاج بطاقة الأسماء الحسنى، وأنا لست مع الطرفين لأن الدعاء بأسماء الله الحسنى لا شك أن فيه شفاء عظيماً، ولكن أن نلزم الناس بأعداد محددة لكل اسم فهذا الأمر غير دقيق، إنما نقول كرر أسماء الله الحسنى بالعدد الذي تستطيع وادعوه بها والشفاء سيحدث إن شاء الله.
النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر العلاج بالطاقة!!
إن العلاج بالطاقة كان يتخذ أسماء عديدة تختلف من بيئة لأخرى ومن حضارة لأخرى، والعرب في عصر الجاهلية لم يكن لديهم هذا المصطلح، بل كان لديهم مصطلح "الرقية" فكان الأطباء وقتها يعالجون مرضاهم بتكرار عبارات محددة يعتقدون أنها تحوي نوعاً من أنواع الطاقة الشفائية. وقد عُرض هذا النوع من أنواع العلاج على النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، فهل أنكره؟
لنتأمل هذا الحديث جيداً، فعن عوف بن مالك الأشجعي, قال: كنا نرقي في الجاهلية, فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: (اعرضوا عليّ رقاكم, لا بأس في الرقى ما لم يكن فيه شرك) [رواه مسلم]، فانظروا معي إلى الرحمة النبوية، لم ينكر عليهم هذا العلاج، بل صحح لهم الطريق بإبعادهم عن الشرك بالله تعالى.
ولذلك ينبغي أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا ننكر أي جديد بحجة أنه صادر عن الملحدين، بل نأخذ المفيد والنافع منه، ونترك ما فيه شرك وكفر وإلحاد. أي بدلاً من أن نعتقد أن الطاقة موجودة منذ الأزل وتفيد بذاتها، نقول إن الله هو خالق الطاقة وسخرها كما سخر لنا كل شيء في هذا الكون بل وأمرنا أن نتفكر ونتدبر، يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13].
حتى عندما يعتقد أحد أن الدواء ينفع بذاته فهذا نوع من أنواع الشرك، بل إن أي دواء وأي طبيب وأي علاج كل ذلك أشياء سخرها الله لسعادة الإنسان ليشكر نعمة الله عليه، ولا يمكن للدواء أن ينفع إلا بإذن الله، وهذه هي العقيدة الصحيحة التي يجب على كل مؤمن أن يعتقدها.
لقد قرر القرآن الكريم أن كل من يبتعد عن تعاليم الإسلام يصاب بالاكتئاب والتعاسة والقلق وبالفعل لاحظ العلماء أن الملحد يعاني من اضطرابات نفسية أكثر من المؤمن بكثير، ونؤكد بأن أي علم جديد ينبغي عرضه على ميزان القرآن قبل الأخذ به، والحلال بيّن والحرام بيّن، وكما قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: 43]، فعلى المؤمن الحريص على آخرته أن يسأل من هو أعلم منه بهذه المسائل ليكون على بيّنة من أمره.
وخلاصة هذا البحث
1- لا يمكننا أن ننفي أو نثبت وجود الطاقة المزعومة هذه ولكني أميل إلى الاعتقاد بوجود نوع من أنواع الطاقة الخفية في كل شيء من حولنا، وهو مخلوق من مخلوقات الله سخره الله لخدمتنا، تماماً كما سخر لنا البحر والشمس والجبال والحيوانات وغير ذلك من المخلوقات. وأنا كمؤمن أعتقد أن كل شيء في الكون هو مخلوق من مخلوقات الله يسبح بحمده ويعمل بأمره: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
2- كل ما ثبُت علمياً بالحقائق الدامغة لا يمكننا أن نرفضه بحجة أنه صادر عن علماء ملحدين، فالحقائق العلمية مهما كان مكتشفها فإن الخالق واحد عز وجل، وهو الذي سخر هذه الطاقة وينبغي أن نستفيد منها، ولكن في إطار الكتاب والسنة الشريفة.
3- إن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم كان عندما يضع يده الشريفة على جسد المريض فإن الشفاء يحدث سريعاً، فهذا يدل على أن الله أكرم سيدنا محمداً عليه الصلاة والسلام "بطاقة كبيرة"، كيف لا وهو الذي وصفه خالقه بأنه رحمة للعالمين!
4- أحب أن أنقل لكم تجربتي مع هذا العلم، فقد استفدت منه في اكتساب قوة التركيز، ولكن كان الأساس الذي أعتمد عليه دائماً هو القرآن، فالقرآن هو الميزان الذي أقيس عليه كل شيء، فما توافق مع القرآن قبلتُ به، وكل ما يناقض القرآن أرفضه على الفور مهما كان مصدره، وأظن أن أي مؤمن وصل إلى قناعة تامة بهذا القرآن ينبغي عليه أن يجعل القرآن إمامه ونوره وشفاءه.
5- كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر المريض أن يضع يده على مكان الألم ويقول: (بسم الله) ثلاث مرات، ثم: (أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) سبع مرات [رواه مسلم]. ونقول إن وضع اليد على مكان الألم وتكرار العبارات السابقة له أثر كبير في الشفاء، ومع أن الطب الحديث لا يعترف بمثل هذا العمل إلا أننا كمسلمين نعتقد أنه سبب من أسباب الشفاء. أي أن العلماء لم يكتشفوا كل شيء، لا زال هناك الكثير من الأسرار.
6- كان النبي إذا اشتكى من مرض قرأ بالمعوذتين ونفث في كفيه ومسح بهما وجهه وجسده الشريف، وهذا يا أحبتي نوع من أنواع العلاج بالطاقة التي أودعها الله في المعوذتين، فتأملوا!
7- كمسلمين يمكن أن نستفيد من العلاج بالطاقة ولكن بالاعتماد على القرآن والسنة، أي أن تقرأ الفاتحة سبع مرات وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين ثم تنفخ قليلاً في كفيك وتمسح بهما جسدك أو جسد ولدك أو زوجتك أو المريض بشكل عام، وتكرر هذا العمل مع آيات أخرى من القرآن وأنت تعتقد أن الشفاء سيحدث بإذن الله تعالى، وتتصور أن المرض بدأ يزول شيئاً فشيئاً، وتحاول التركيز جيداً وتتصور وجود طاقة شفائية في الآيات التي تقرأها، وسيحدث الشفاء سريعاً بإذن الله.
وخلاصة القول
قبل أن نقبل بالعلاج بالطاقة ينبغي أن ننقّيه من الشوائب الشركية والوثنية، ونرده لأصله في القرآن والسنة، وأن نستفيد من تجارب الباحثين في هذا المجال، ولكن بما يتناسب مع تعاليم ديننا، أي أن نجعل القرآن والدعاء النبوي أساس العلاج بالطاقة، والله أعلم.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com/ar